الـــــمـــــولـــــد

الرسالة واضحة جدًا. أو بالأحرى مقصودك واضح ، وإن اختلف الحال.

زواج الحنفي من شافعية وزواج الشافعي من حنفية ، قضية لا أدري عن وجاهتها الفقهية. لكني أعلم يقينًا وجاهة الدفاع عن الإسلام بالتحذير من البدع على اختلاف مراتبها. ولو كان حديثي هنا بارك الله فيك عن الحجاب ، ووجوب تغطية الوجه لا استحبابه ، أو عن خلاف فقهي ٍ عال ٍ أو نازل ، لكان لرسالتك صدى. لكن رسالتك وصلت إلى مستقبل خطأ. وفكرتك هي نفس فكرة الإخوة أعلاه وأدناه ، وقد وصلت ولا حاجة إلى تكرارها.

سئل الإمام أحمد رضي الله عنه عن رجل يصلي ويصوم ، ورجل يصلي ويصوم ويرد على أهل البدع ، أيهما أفضل؟ فقال الذي يصلي ويصوم نفعه لنفسه ، أما الذي يرد على أهل البدع فنفعه للمسلمين.

وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: "أرباب البصائر هم أصحاب الفرقان فأعظم الناس فرقانا بين المشتبهات أعظم الناس بصيرة والتشابه يقع في الأقوال والأعمال والأحوال والأموال والرجال وإنما أتى أكثر أهل العلم من المتشابهات في ذلك كله. ولا يحصل الفرقان إلا بنور يقذفه الله في قلب من يشاء من عباده يرى في ضوئه حقائق الأمور ويميز بين حقها وباطلها وصحيحها وسقيمها ، ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور. فإن رزقك الله فيه بصيرة خرجت إلى فرقان أعظم وهو الفرق بين توحيد المرسلين وتوحيد المعطلين والفرق بين تنزيه الرسل وتنزيه أهل التعطيل والفرق بين إثبات الصفات والعلو والتكلم والتكليم حقيقة وبين التشبيه والتمثيل والفرق بين تجريد التوحيد العملي الإرادي وبين هضم أرباب المراتب مراتبهم التي أنزلهم الله إياها والفرق بين تجريد متابعة المعصوم وبين إهدار أقوال العلماء وإلغائها وعدم الالتفات إليها والفرق بين تقليد العالم وبين الاستضاءة بنور علمه والاستعانة بفهمه والفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان والفرق بين الحال الإيماني الرحماني والحال الشيطاني الكفرى والحال النفساني والفرق بين الحكم المنزل الواجب الاتباع على كل واحد والحكم المؤول الذي نهايته أن يكون جائز الإتباع عند الضرورة ولا درك على مخالفه". من كتاب الروح.

وسيأتي الرد على الفتاوى التي نقلها أخونا نقطة حياد.

مرورك سرني أيها الاستشاري النفسي.
​

 

أخي الكريم ، قلت كيف نأخذ العلم من أسماء وهمية ، فهل تعرف علم أولئك الذين أفتوا ، ونقلت إلينا فتاواهم؟ لا يهمني ما يقوله مريدوهم ، بل يهمني علمهم. هذا رد ٌّبميزانك.

سؤال آخر ، قلت أن المولد مسألة خلافية ، وأقول لك ، ما هي المسائل الخلافية اصطلاحًا ؟

على كل حال، قد استفتيت في طرحه شيخين فاضلين ، كلهم نص على أنه بدعة ، وأن نشره قربة. أما قولك أنه مسألة خلافية ، فهو قولك ، ولا يتعدى ذلك إلى شيء. وأما ما نقلته عن إنكار المنكر فهو صحيح في ذاته ، غلط في استشهادك به. وها أنت تضع نفسك في الموضع الذي نهيتنا عنه ، وهو تصدرنا للحديث عن العلم ، وعدم المصادر. فتلك النقول خاوية من الحواشي أو حتى التنصيص على كلام الأئمة. والغرض من ذلك هو التثبت ، لأني وبتجربة شخصية وجدت كذب بعض القوم على الله ورسوله والأئمة في نقولهم. فقد استشهد أحدهم بحديث موضوع لا يصح ، ترده النصوص الثابتة ، لعضد كلامه ، واستشهد بطرف من كلام إمام معروف ليمرر كذبه ، ولا يزال يصر على ذلك. أقول وأكرر بتجربة شخصية.

أما تلك الفتاوى التي نقلت ، فهي متضاربة. فواحدة نصت على أنه قربة ، وأن لشهر ربيع الأول فضل ، والأخرى قالت بأنه من قبيل العادات ، ولا يكون قربة. فالأولى تنص على أنه عبادة ، والأخرى نصت على أنه من قبيل العادات ، لا القربات ، وهذا التضارب بعينه.

أخيرًا ، هذا النقاش أهدف به إلى مناقشة نصح وتبيين ، ولا أهدف به إلى أي شيء آخر ، فنحن كما قال أخونا نقطة الحياد نكرات خلف أسماء مستعارة. ولا تضيف هذه المواضيع والردود لأشخاصنا عند الناس شيئًا. فمن أراد أن يعرف لم نقول أنه بدعة ، وهو يعلم الدليل الذي قام عليه تعبده لله بهذا المولد ، فليأت طالبًا للحق. وأما من سلم عقله لغيره ، وألغى تفكيره ، فله منا الدعاء . ولا حاجة لنا إلى نقاش عقيم نبحث فيه عما يعضد أراءنا دونما ترو ٍ ونظر ، أو لإثبات ذات ووجود. أكرر لا حاجة لنا بذلك أبدًا. ​

 

عبادة .. ؟! تستوجب .. ؟!
إذن فالمولد عبادة ، والفرح والتأثر والتبرك بذلك اليوم واجب.

أريد أن أتبرك العام القادم ، وأتأثر ، وأعتمر ، وأذهب لزيارة قبره صلى الله عليه وسلم ، وأتمسح بترابه ، يوم المولد وليلته. لكني لا أستطيع أن أعبد الله بما لم يشرعه ، ومالم ينص عليه محمد صلى الله عليه وسلم. هل أسبقه صلى الله عليه وسلم إلى خير لم يعلمه ، أو لم يحث عليه. لِم أعبد الله ، لِم أصلي. أأتيت بها من تلقاء نفسي ، أم أن الله سبحانه وتعالى أمرني بها. أم لأن أبي وأمي وسائر أهل بيتي وابن باز وابن ابراهيم وابن عثيمين كانوا يصلون ، فصليت مثلهم.

دلني بارك الله فيك ، وعلمني الدليل. جميع العبادات منصوص عليها ، إما بالقرآن أو السنة. والعبادة هي ما نتقرب به إلى الله جل وعلا. {إنه لم يكن نبي قبلي إلاَ كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم} رواه مسلم، {ما بقي شيء يقّرب من الجنة ويباعد من النار؛ إلا وقد بُيِّن لكم} رواه الطبراني بسند صحيح. إذا كان هذا المولد يقرب إلى الجنة ، فلا بد وأن دل عليه المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وإلا فقد خان الرسالة ، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَه}.

أخي الكريم pete: أوقن تمامًا أنك تريد بذلك العمل وجه الله. أحسبك كذلك والله حسيبك ولا أزكي على الله أحدا. فإذا كان هذا حالك ، فلا بد وأنك تحب أن يكون هذا الموضوع دعوة إلى المولد ، وسيكون كذلك إن شاء الله إذا بينت لي الوجه الذي تعبدت الله به في بالمولد. هيا خذ أجري وأجر الإخوة وسنذهب جميعًا للتبرك بقبره صلى الله عليه وسلم ، إذا بينت لي بالنصوص الصريحة أن ذلك عمل مشروع. نحن هنا أسماء وهمية لا يعرفنا أحد ، وكلامنا هنا إنما لبيان ما نعرفه ، ونحن نعتصم بالأدلة ، ولا اعتماد إلا عليها ، واستشهادي بكلام الأئمة إنما كان لبيان النصوص ، ولم يكن استشهادًا بكلامهم لذاته.

تساؤلات في مكانها ، وإليك الإجابة:

ليلة القدر:
{إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر}.
{من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه} متفق عليه.
{اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ، فإن غلبتم فلا تغلبوا على السبع البواقي} صححه الألباني رحمه الله.

صيام الخميس والإثنين:
{عن ربيعة بن الغاز أنه سأل عائشة عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت كان يتحرى صيام الاثنين والخميس} رواه ابن ماجه ، وقال الألباني : صحيح. رحم الله الجميع ، والأحاديث الصحاح في هذا المعنى كثيرة.

صلاة الجمعة:
عن أبي الجعد الضمري وكان له صحبة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم {من ترك الجمعة ثلاث مرات تهاونا بها طبع على قلبه } ،
عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {من ترك الجمعة ثلاثا من غير ضرورة طبع الله على قلبه}.
رواهما أبو داود وابن ماجه ، وقال الألباني : حسن صحيح. رحم الله الجميع. وهذا في حكم وجوبها .

صلاة العيد:
عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم العيد بغير أذان ولا إقامة. رواه أبو داود وصححه الألباني ، رحم الله الجميع.
عن ابن عمر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم ثم أبو بكر ثم عمر يصلون العيد قبل الخطبة. متفق عليه.
عن أم عطية قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {أخرجوا العواتق وذوات الخدور ليشهدن العيد ودعوة المسلمين وليجتنبن الحيض مصلى الناس}. رواه ابن ماجه وصححه الألباني رحمهم الله.

أبو لهب ، وأبو طالب ، وعبد الله بن عبد المطلب ، في النار بنصوص القرآن والسنة. وهم من أهل البيت نسبة ، ولا يتجاوزون ذلك أبدًا ، إلا بنص صريح. مجرد الاستحسان والتأويل ، لا يعمل به. محمد صلى الله عليه وسلم أتى قومًا عربًا فصحاء. أتاهم بلسان عربي مبين ، وأوتي جوامع الكلم ، فكيف يسن ويشرع ما لا يفقهه العرب الأقحاح ، ويأتي من بعدهم من العجم ليبين لعمر بن الخطاب ، وحسان بن ثابت رضي الله عنهم ، بل لكفار قريش الذي يكيدون المكائد للمسلمين ، ويبحثون عن مثالب ومداخل على القرآن الكريم ، مالم يتبينوه ، بل ما لم يوسوس به إبليس لهم ليدخلوا به على كتاب الله ودين الإسلام. إذ أن القرآن لو كان متشابهًا لا يفقهه إلا البصير العليم ، لما فهمه العرب ، ولما صح أن يكون رسالة وآية. وكذلك السنة لا تصح أن تكون رسالة إذا كانت مثله. فالرسالة كانت لقوم جهلاء ، يعبدون الأصنام ، فلا بد وأن يخاطبوا بقدرهم ، وأن يخاطبوا بلغتهم ، ولا فائدة من كتاب يتغنى به دون فهم أو علم ؛ فلن يقبلوه ، ولن يعملوا به ، ولا يحقق مقاصد الرسالة. لذا فإن الله سبحانه وتعالى أمر القوم بلسانهم بعبادته ، وعلق النجاة على الاعتصام بوحيه. ولعلك تعرف قصة ذلك الأعرابي الذي صحح قراءة ذلك القارئ الذي قرأ: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالاً من الله والله غفور رحيم} ، فقال الأعرابي: ما هذا كلام الله. فانتبه القارئ ، فأعاد: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم}. فقال الأعرابي: عز فحكم فقطع. القرآن والسنة ليست أحاجي وألغاز.

لا أريد ردك ، ولا أتمنى نقاشًا. إنما أريد أن تقف مع نفسك ، وتتأمل ، وتستخير ، وتسأل الله الهداية لي ولك. {إن تنصروا الله ينصركم} ، "إن تصدق الله يصدقك الله".​

 

يبدو لي أنك قرأته بنظارة الظن السيء. لتعلم أخي الكريم ، أني لم أكتب ذلك الرد ، وفي نيتي الانتصار أو أن نشوته خالطتها. أكاد أقسم على هذا . بل أقسم عليه ، وأعني بالرد ، الرد الذي كتبته قبل هذا الرد ، وهو صاحب المشاركة ذات الرقم 90. بينت ذلك ؛ لأن الكلام على نية قائله إلا في الحلف ؛ فإنه على نية المُستحلِف.

على كل حال، لاحظت حنقك على هذا الموضوع وصاحبه في ثنايا ردودك ، لكني أود أن أذكرك أني مسلم ربما كنت جاهلاً بما أكتبه في هذا الموضوع ، فتدعو الله لي بالهداية ، وتكون عليَّ مشفقًا. لا أن يكون في نفسك علي ما أفصحت به ردودك السابقة ، فنحن في هذه القضية في خلاف كما يقال ، وينبغي ألا يفسد الخلاف ودنا أيها الفاضل. وإن كان ثمة انتصار فهي لا تمثل لي شيئًا ؛ لأن شخصي لا يُعلم ، ولأني لا أنتمي إلى فرقة أو فئة مُسمَّاة بعينها ، وإن بدا غير ذلك ، فأنا كما قال ذلك الرجل محمدي ، وبعد ذلك حنبلي ، وليس لي بعد هذا لأحد أي انضمام ، فلا جماعة ، ولا غير ذلك. ​

 

مدري ليه أرتاح لك .. ! .. مرورك فال خير .. !​