عندما يكون الفن ثقافة !

عندما يكون الفن ثقافة ..

منذ القدم تعددت الأذواق ، و لولا اختلافها لبارت السلع .. يبقى لكل فن – مهما كانت مرتبته في سلم القيم – متابعون و أنصار ..


و إن كانت الكلمة و الأغنية و اللوحة و غيرها من أشكال الفنون ذات تأثير لا ينكر في صناعة المفاهيم و تشكيل الرأي العام، فإن التمثيل تحديداً يبقى له الأثر الأكبر من بين سائر الفنون ..عندما ننظر إلى الثقافة بمنظورها الشامل من حيث هي القيم و المبادئ و المفاهيم و المعارف التي تشكل عقلية شخص ما ، فإننا لن نغفل النظر في ما نتابع على الشاشة الفضية من أعمال فنية أصبحت - لدى شريحة عريضة من المتابعين – أشبه بوجبة رابعة تضاف إلى الوجبات الثلاث الرئيسية.


ذكرت بعض الإحصائيات المعلنة عبر موقع قناة MBC أن مسلسل باب الحارة حقق المرتبة الأولى عربياً من حيث عدد المتابعين ..
لا بد لنا من تلمس الجانب الإيجابي من هذا الخبر ..


ببساطة .. فضل الجميع متابعة المسلسل الرائع الذي نقلهم إلى جو أصيل افتقدوه في عالم المدنية المعاصرة .. معاني مثل النخوة و الشجاعة تفاعل معها المتابعون بشدة ..


قبل أيام.. في إحدى حلقات حجر الزاوية مع فضيلة الشيخ د. سلمان العودة، اتصلت إحدى الأخوات المسلمات من بلد أوربي .. استفسرت من الشيخ عن متابعة مسلسل تلفزيوني رمضاني .. قالت المتصلة إنها في ذلك البلد الأوربي تجد صعوبة بالغة في تربية أبنائها على القيم و الأخلاق الراقية، و وجدت أن أبناءها قد تأثروا إيجاباً بالسلوكيات الحميدة لأبطال المسلسل، فأصبح من سلوكهم مثلاً تقبيل يد الوالدة كما يفعل بطل المسلسل لأمه .. كان جواب الشيخ راقياً كعادته.. أشار الشيخ إلى أنه في ظل الهجمة الإعلامية التي حملت الغث و السمين ، و أمام أعمال بالغت في الإسفاف و تنافست في التفاهة و الاستهانة بعقلية المشاهد ، لا بد من حمل ثقافة الرؤية النقدية لكل ما نتابع .. قبل أن تنغرس المعاني في العقل الباطن لا بد لنا من امتلاك مصفاة متميزة لا تسمح لمن لا يملك بطاقة مرور أن يعبر .. و هذا ما ينبغي لرب الأسرة أن يغرس في نفوس الأبناء ..
هل ترانا نملك هذا الحس ؟! أم أننا اعتدنا على الاستيراد بالجملة ؟


قديماً أدرك الفرنسيون دور التمثيل، فقالوا ( أعطني مسرحاً أعطيك شعباً ) ، و عندما تشاهد الآلاف من متابعي المسرح في مسرحيات العيد التي تنظمها أمانة مدينة الرياض تدرك حجم التعطش لدى الجمهور لمثل هذا الفن الراقي ..


أقول .. إن أصحاب الرسالة الراقية و القيم النبيلة لا ينبغي أن تخفى عنهم هذه الفئة الكبيرة جداً من المجتمع التي تنشد الأعمال الفنية الراقية التي تعيدهم إلى قيمهم الأصيلة .. و إن كان الكلام قد خصص عن التمثيل لكونه الأكثر تأثيراً فإنه يعم سائر أنواع الفنون ..


إن كثيراً من الخيرين قد وجهوا استثماراتهم في مجالات تجارية متنوعة، في العقارات و المقاولات و غيرها .. و لو أنهم اتجهوا إلى المجال الإعلامي لوجدوا في ذلك أجراً عظيماً في الآخرة ، و ربحاً وفيراً في الدنيا، إن هم أحسنوا العمل و أتقنوه ، لأن عالم التجارة لا يعترف بالنوايا كثيراً !​

 

>

ليس تماماً ..

لا أعتقد أن التعميم يصح هنا ...

لو أنك قدمت الفن الساخر أو الترفيهي الذي يحمل رسالة و مضموناً فستجد جمهوراً .. و خاصة في أيام العيد ، أيام الفرح و السرور ..
و بالمقابل لو قدمت ( تهريجاً ) فستجد جمهوراً ..

و تعجبني كثيراً ( بعض ) حلقات طاش ما طاش الأخيرة ..
نقد ساخر هادف ..
بالإضافة إلى طرحهم بعض القضايا في حلقات لا يمكنك أن تضحك فيها أبداً ..
مثل حلقة زراعة الأعضاء - حلقة الإدمان و غيرها ..

و لو عدت لموضوعي ستجد أن أكثر المسلسلات متابعة هو باب الحارة ، و هو ليس كوميدياً إطلاقاً ..

الخلاصة أن لكل فن جمهور ، لكني أثق تماماً في أن ذائقة المجتمع لا تزال تفضل الهادف الممتع ..


و أختم بمقدمة المقال ::

 

>>

للاستزادة ::

مقال جميل للدكتور عبد الوهاب المسيري ..

الفيديو كليب و العولمة .. تحليل رائع مع شرح مستفيض لا تنقصه الأمثلة .. http://elmessiri.com/ar/modules.php?name=News&file=article&sid=41&mode=thread&order=0&thold=0