أفضل المشاركات: نزف ُ القلم ، على صفحات من ذاكرة الألم

  1. طالب مبدع

    طالب مبدع "عابر سبيل"

    انضم:
    ‏14 يوليو 2008
    المشاركات:
    816
    نقاط الجائزة:
    0
    الوظيفة:
    مرشد طلابي
    الإقامة:
    مغترب ، في الدنيا !
    التقييمات:
    +74 / 2 / -17
    الدسمس الأول - 3

    لا استطيع الكتابة عن هذه الفترة بدون الشعور بتوتر وشد عصبي

    إذا ً فصلت من الجامعة بعد عام وها أنا ذا أنظم لصفوف العاطلين أولا

    وأعيش تحت آلام المرض ثانيا ً

    لن اسهب في عرض وضعي الصحي ذلك الوقت
    لأن فيه خصوصية أولا ولأن المرض مر لا يشعر به إلا صاحبه
    وكما قيل (النار ما تحرق إلا رجل واطيها)

    كنت لا استطيع الأكل ولا النوم ولا حتى الصلاة في المسجد
    وكنت أصلي جالسا أحيانا
    وبعد شهر وأكثر أخذني أخي إلى مركز تجاري لشراء أغراض للمنزل
    وكان حضوري شرفي فقط ! فلم أكن قادرا ً حتى على القيام مهمة بسيطة كهذه
    فجاء وقت صلاة العصر ، فذهبنا للمصلى وصلينا مع جماعة المسلمين
    فرحت فرحا ً لا يعلم مداه إلا الله ! كنت أخشى أن أقبل على الله وأنا لم أصل جماعة
    فالموت كان محدقا بي تلك الفترة وهاجس النهاية كان يرافقني دائما
    وكنت أتمنى والله أن أصلي مع المسلمين لعل الله يرحمني برحمته ولا يؤاخذني بسوء فعلي
    عندما خرجنا من المصلى كنت فرح كفرح الأطفال بهديّة مفاجئة
    أو مشلول حرك رجليه فجأة ومشى
    قلت لأخي "يا زين الصلاة بالمسجد"
    لم يكن يدرك عمق هذه الجملة فقد خرجت من سويداء قلبي

    اشترينا الأغراض وعدنا للمنزل

    وعدت للصلاة في البيت من جديد على أمل أن يبقيني الله حيا لأقف على قدمي مع صفوف المصلين
    في بيت من بيوته

    كنت في تلك الفترة ، أشعر بقربي من الله ، والله مع المنكسرة قلوبهم ، وفي الحديث مامعناه
    (يا عبدي مرضت ولم تعدني ، فيقول العبد : كيف أعودك وأنت الله ، فيرد الربّ جل في علاه : أما علمت أن عبدي فلان مرض فلم تعده ؟ أما لو أنك عدته لوجدتني عنده !!)

    وكنت أتفكر بما مضى من حياتي ، وأعجب من قلة حيائي من الله وجرأتي على معاصيه وأشعر بخجل شديد منه
    وأتذكر من اسأت له ، وأخشى ألا يمد الله بعمري حتى أتحلل منه

    وفي تلك الفترة ، إنقطع الأصحاب ، وأنشغل كل بمصلحته ، وكنت أفكر بهم وأتمنى أن أراهم
    ولكن كانت مجرد أماني ، علمت لاحقا أني لم أكن بتلك الأهمية اللتي كنت أظنها عندهم !

    لا حظت باشتداد الأمر علي تسرب الناس من حولي ، حتى لم يبق بعد حين إلا أهلي (وهنا تأتي صلة الدم)

    ولما طال الأمد لم أجد سوى والديّ (أبي وأمي)

    ولما طال أكثر بقيت معي أمي حتى شفيت !

    ومن ذلك الوقت حتى لحظة كتابة هذه السطور ، وأنا أرى أحق الناس بحسن صحابتي هي أمي
    أدركت ذلك بعمق شديد

    وكنت ومازلت أجتهد أن تكون راضية عني ما استطعت ، واسال الله أن يرزقني برها والإحسان بها

    وكنت منذ تلك الفترة حتى الآن أجتهد بأن أكون مستعد للقاء الله بحيث لا يكون علي دين ولا مظلمة لأحد مخافة أن ألقى الله وأنا غير مستعدّ

    وليس من رأى النهاية بعينه ثم سلم كمن سمع !

    وما زال للألم بقية ...
     
    • x 3 إعجاب إعجاب
    • x 1 عدم إعجاب عدم إعجاب